
ماذا لو..؟ سؤال نطرحه جميعا على أنفسنا، وهو سؤال عن فعل لم يتم كما يجب فى الماضى أو اختيار لم يكن موفق، كما انه سؤال عن حدث لم يقع بعد فى المستقبل، لذلك نسأله لأنفسنا ونضع عدد من الاحتمالات وعدد من النتائج المترتبة على كل اختيار، وتًرسم فى مخيلتنا أحلام يأتى الواقع بعيدا عنها، لكننا لا نكف أبدا عن سؤال أنفسنا هذا السؤال. ولعل أصعب ما اقترن بهذا السؤال هو ماذا لو عرفت أن ما تبقى لك فى الحياة أيام معدودة..؟ ولأن لكل منا رغباته وأحلامه الخاصة فأنه لا يمكن الجزم بإجابة واعتبارها الأنسب، ولكن ماذا لو كان هذا السؤال لا يسأل عن أيامنا نحن بل يسأل عن أيام شخص مقرب لقلوبنا، حيث علمت انه لم يتبقى له سوى يوم واحد.
ولم أجد إجابة لهذا السؤال المؤلم أفضل مما قدمه الفيلم الأجنبى "If only" والذى عاش فيه البطل يوم سئ أنتهي بموت حبيبته ولكن القدر أعاد له اليوم من جديد ليعيشه وله الحرية فى أن يغير أحداثه كلها على أن ينتهى بالنهاية ذاتها، فمهما حاول تغيير مجرى الأحداث فأنها ستؤدى فى النهاية إلى موتها.
حاول البطل فى بداية اليوم أن يمنع حبيبته من الخروج من المنزل لحمايتها ولكنه وجد انه لن يستطيع تغيير القدر، وعوضا عن أن يشغل نفسه بمنع القدر، قام البطل بأشياء غير متوقعة لإسعادها وعبر عن حبه لها كما لم يعبر طوال علاقتهم وتمسك بكل دقيقة يقضيها معها ليتأكد من أنها تشعر بحبه نحوها.
وكانت أخر كلمات البطل لحبيبته "شكرا لأنك علمتينى كيف أحب" لأنها سترحل وتتركه وحيدا فى العالم وأهدته هذه الهدية قبل رحيلها، وهى معرفة كيف يكون الحب، ولكن المفاجأة هو أنه مع إعادة اليوم البطل هو الذى مات وليس الفتاة، وذلك لأن ميعاد رحيله هو الذى آن وليس ميعاد رحيلها هى، والفرصة التى أعطاها القدر كانت للبطل وهى فرصة التعبير عن الحب كما يجب أن يكون.
معانى الفيلم عميقة جدا، ويصعب شرحها ولكن سأكتفي بأن أطلق عليه أفضل إجابة على ماذا لو علمت انك سترحل قريبا عمن تحبهم أو أنهم من سيرحلون..؟، حيث قدم هذا الحبيب كل ما يمكن تقديمه من حب فى يوم واحد مختصرا بذلك سنين طويلة من عمره، لذلك أظن أنه من كان المقصود منذ البداية حيث اعتادت حبيبته منه أن يكون عمليا ولا يعطى الحب وقتا كافيا عكسها هى والتى تعيش الحب فى كل لحظة معه.
قدم البطل منتهى الحب، وأنا من أنصار النهايات السعيدة التى تبعد عن الواقع وتهرب بالعقل والقلب لمكان لا يعرف سوى السعادة لأنه مكان غير متوافر فى حياتنا الواقعية ولا وجود له سوى أمام الكاميرا، يعيش فيه أبطال الفيلم ونشعر نحن المشاهدين بالسعادة كأثر رجعى، لذلك أكره بشده النهايات الحزينة وكنت أدعو طوال الفيلم أن ينتهى نهاية مختلفة ويبقى الاثنان على قيد الحياة، لكن المخرج عايز كدة، ورغم أنى شاهدته أكثر من مرة إلا أن موقفى الحالم لم يتغير.
والسؤال الذى يحيرنى بشدة هو لماذا ينتظر الإنسان حتى اللحظات الأخيرة ليفعل كثير من الأشياء..؟ لماذا لا يجد فى الأيام والسنين فترة مناسبة ليعيش الحب ويعبر عنه بل ينتظر لحظات قليلة لا تروى ظمأ ليفعل بها ما توجب فعله طوال سنوات.
الإنسان هو بطل اللحظات الأخيرة التى لا يمكن استردادها ولا تعويضها، وهذا ما يدفعه للقيام بتلك البطولات حتى لا يحيا ندمان على ضياع الفرصة الأخيرة دون استغلالها، فالإنسان يعيش طوال حياته ينتظر الفرصة الأخيرة تاركا كل الفرص.
لماذا لا يندم الإنسان على مرور سنوات ولكنه يموت ندما من ضياع لحظات كان من الممكن أن تكون ساعات أو أيام وحتى سنوات، إلا أن تسويفه وثقته فى الغد تختزل تلك السنين فى لحظات.
ورغم التناقض الشديد الذى يعترينى إلا أنى أجد أن روعة هذه المشاعر تكمن فى سرقتها عنوة من الزمن وهو ما يجعل الإنسان ينتظرها ويقاتل من اجلها، حيث نظهر شهداء وأبطال فى نظر أنفسنا، وهو ما يخلد هذه الذكريات لارتباطها بمواقف بطولة.
ك.ك
10-7-2010
دى أغنية Take my heart back أخر أغنية فى الفيلم، ياريت تسمعوها.