22‏/12‏/2010

إعلانات مصرية لخدمة عالمية.. والجمهور من بنها




سلعة أو خدمة بدون إعلان هى بالتالى منتجات راكدة لن يعرفها أحد ولن يقبل عليها أحد.. ولا اختلاف حول حاجة هذه المنتجات أى كانت للإعلانات للتسويق لها وجذب الجمهور.. كما أن الجمهور كثير ما يكون غافل عن حاجاته لأشياء معينة تثيرها بداخله هذه الإعلانات وبالتالى تتحقق النتيجة المرجوة من هذه الإعلانات...

ولكن ماذا عن سلع أو خدمات لا تحتاج إلى تسويق فهى تسوق نفسها بنفسها جيدا وفوق ذلك جمهورها معروف وهو لا يحتاج إلى إعلانات لتدغدغ مشاعره حيث يترك ما يشاهده فى التليفزيون لأن إعلان تلك السلعة أو الخدمة قاطعه فى الفاصل فشعر بضرورة الحصول على ما قدمه هذا الإعلان فينزل راكضا للحصول على تلك السلع أو الخدمة أى كان..

جمهور القنوات الأرضية وقنوات الدش على القمر الصناعى المصرى "نايل سات" يمكن تخمين هويته بسهولة خاصة إذا ما كان يتابع على هذه القنوات المسلسلات المعاد بثها بعد شهر رمضان.. فهو جمهور معظمه من النساء ربات البيوت من الطبقة المتوسطة أو أقل ومنهم أيضا من تعمل طول اليوم وتتعرض فى الشارع يوميا لما يجعلها تلعن حياتها من زحمة أتوبيسات النقل العام هذا وإن جاءت موعدها أو توقفت فى محطتها المخطط لها الوقوف فيها وغيرها من المظاهر التى كانت فيما مضى مشكلة ينادى المصريين بحلها حتى تحولت إلى جزء من التراث لا يمكن العيش بدونه "والفضل طبعا للى عاملين ودنهم من طين أو عاملين نفسهم مش بيفهموا عربى"..

أما عن الشريحة الثانية من الجمهور فهى رجال يجلسون على المقاهى منهم من هو بلا عمل ومنهم من خرج ليقضى أمسيته فى لعب الطاولة أو الحديث مع الآخرين عن همومه التى لا تنتهى ولا يجد لها حل أو حتى اهتمام من المسئولين أو حكومتنا الموقرة... وأخيرا الاستمتاع بالحديث عن المشاكل التى تبتكرها الحكومة وتفجرها على الساحة حتى ينشغل بها المصريين وينسوا هموهم "والله حكومة كتر خيرها بتدى للمصريين لبان يمضغوه طول النهار وطول الليل عشان ينسوا.. بس هل اللبان ده فيه مخدرات ولا حاجة أصل المصريين خلاص أدمنوا أنهم ينشغلوا عن الواقع بمشاكل مفتعلة ومينفعش يعيشوا هاديين ويركزوا فى المشاكل الحقيقة.. عشان كدة لو مفيش مشكلة بيطلبوا من الحكومة تعملهم مشكلة يتسلوا فيها.. ما علينا خلى كلامنا خفيف على قلبهم"..

ولعل من أخر المشكلات التى أنشغل بها المصريين هى القضية المثارة حول أحد المدن الجديدة الضخمة ومشروعية ملاكها فى امتلاكها ونصيب الحكومة والمسئولين من التورتة .. حتى أنتهى الموضوع كالعادة المصرية "نطلع نطلع وننزل على مفيش" أو "دى قرصة ودن عشان متنسوناش فى حتة من التورتة لأننا شايفنكوا".. وهذه ليست قضيتى من هذه التدوينة خاصة وأنها لم تعد قضية أحد..
ولكن قضيتى هى.. هل تحتاج هذه المدينة لتسويق وحداتها السكنية فى التليفزيون عن طريق إعلانات مبهرة للعين وصادمة فى الواقع.. تتخللها موسيقى تصويرية محفزة جدا لمشاعر البهجة والراحة.. حيث يظهر الإعلان أسرة تترك شقتها "اللى مش عادية أوى.. يعنى شقة فوق المتوسط بكتييير ومظنش أن من السهل حد فى اليومين دول يعرف يجبها.. بس أهو برضو".. بكامل إرادتها عشان تنتقل لفيلا فارهة فى هذه المدينة الجديدة..

ورغم أنها شقة متميزة تلك التى تركتها هذه الأسرة السعيدة إلا أن التفاوت بينها وبين تلك الفيلا الجديدة مخيف ولا يمكن تخيله واقعيا.. وذلك إذا اعتبرنا أنها أسرة متوسطة كما أتضح من الإعلان بالإضافة إلى أنهم أسرة مازالت فى مقتبل العمر فالزوجين مازالا يافعين وأولادهم صغار أى أنهم من الأسر الشابة المبتدئة.. فكيف تنتقل "بقدرة قادر" إلى هذه المدينة الجديدة.. "من أين لهم هذا"...

تظهر فى الإعلان حمامات السباحة فى حين لا يجد ملايين المصريين ممن يتابعون تلك الإعلانات كوب ماء نظيف للشرب وليس للاستحمام.. وغيرها من المظاهر التى يراها المشاهدون فيصدمون أنها فى مصر لذلك حذر المعلق الصوتى المشاهدون بجملة "... مدينة عالمية على أرض مصرية".. هنا أطمأنت القلوب إلى أن هذه المظاهر "مستوردة" وليست محلية فلذلك فهى ليست فى متناول الجميع..

والآن أسئلة .. وياريت ياريت نلتزم بإجابات المقرر الدراسى:

1- هل تحتاج هذه المدينة لتسويق وحداتها فى التليفزيون فى الفواصل بين المسلسلات العربى المعادة..؟




2- هل الطبقة المتوسطة فأقل هى الجمهور المستهدف فعلا للسكن فى هذه المدينة..؟



3- ما هى الخيارات اللي قدام الجمهور اللى بيتفرج على الإعلانات دى مش لاقى ياكل عشان يوصل للشقة دى.. السرقة.. النصب.. المخدرات.. وحاجات تانية مينفعش أكتبها عشان عيب..؟



4- هل تقدم هذه المدينة تسهيلات للتقسيط تصل حتى 300 عام أو أكثر للسداد..؟



5- هل تتوفر مصحات عقلية تكفى ملايين المصريين اللى بيشوفوا الإعلان ده كل يوم أكثر من 10 مرات للعلاج بالصدمات الكهربية للعودة إلى الحياة مرة أخرى..؟



6- هل مقدم هذه الإعلانات عارف كويس الفرق بين الجمهور المنشود وبين الجمهور الفعلى اللى بيشوف إعلانه ده.. وأن الجمهور المقصود ميعرفش حاجة عن إعلاناته دى.. ؟



7- لما الإعلانات دى متقصدش الجمهور اللى بيتفرج عليها طيب ايه بقى لزمتها حرقة الدم والاستفزاز اللى المصريين بيتعرضوا له كل يوم لما يشوفوا الإعلانات دى..؟



اوووووووووه سورى أنا لازم أقفل التدوينة على كدة لحسن الإعلان اللى بحبه شغال.. أصل الدكتور وصف لى كل يوم إعلانين من العيار المستفز قبل الكتابة وبعدها..

ك.ك
22-12-2010