27‏/10‏/2009

طرائف محرومة منها الصحافة المصرية



كانت صحيفة فايننشال تايمز قد نشرت منذ فترة خبر العثور على طفل فى الثالثة من عمره حيا، بعد قضاء ليلتين فى الغابات وحيدا، حيث يعيش الدببة والأسود، وذلك بعد أن ضل الطريق أثناء تجوله بالقرب من منزله، بينما كان والداه منشغلان.. لم يكن الطريف فى الخبر انشغال الوالدين وليس أيضا بقاء الطفل على قيد الحياة رغم عدم تناوله طعام طوال تلك الفترة، وإنما استمرار الطفل على قيد الحياة لعدم وقوعه هو ذاته وجبة طعام لأحد وحوش الغابة رغم كونه فريسة سهلة المنال.

ولأن مصرنا الحبيبة لا تتوفر بها مثل تلك الغابات، فإنه لا مجال لتلك الأخبار والأحداث المماثلة فى جرائدنا، وإنما دائماً لدينا ما هو أغرب وأبشع بكل تأكيد، حيث خطف وبيع الأطفال وحتى تقطيعهم قطع لبيع أعضائهم وإلقاء ما يتبقى طعاما للكلاب ورغم قسوة الكلمة فأن هذا ما يحدث حتى تختفى كل ملامح هذه الجريمة، وأصبحت مصر عن حق غابة تحول فيها عدد كبير من أبنائها لوحوش يحملون بطاقات تعريف آدمية... والضحايا أطفال خرجوا للذهاب إما لمدارسهم أو للعب مع أقرانهم أو لأى أغراض أخرى غير الخروج وفقدانهم طريق العودة خلال تجولهم فى الغابة.

قد يكون الكثيرين من أطفالنا بلا مأوى سوى الشارع.. لكن على الأقل لابد وأن تكفل لهم أعمدة الإنارة والنوم أسفل الكبارى مأوى يحميهم من غدر الوحوش، إلا أن هؤلاء الوحوش المصريين يمثلون هذه الأفلام التى نجد فيها حيوانات مفترسة تتمتع بالذكاء للإيقاع بضحاياها من النوافذ والشرفات لتسقط فى افواهم مباشرة.

فما شهدته عددا من محافظات الجمهورية مثل السويس والإسماعيلية، وحلوان، وسوهاج، والجيزة، والقليوبية، والغربية، والمنيا، وغيرها من مناطق كثيرة فى القاهرة من حالات رعب وذعر مما يسمعونه ويرونه من خطف وبيع أعضاء الأطفال، يطرح سؤلا على السطح أليس هؤلاء الوحوش الخاطفين مصريين من الجنسية ذاتها التى يحملها الضحايا، ولا شك أن وحوش الغابة لا يقومون بافتراس ضحاياهم سوى للحصول على وجبة طعام فرضتها عليه طبيعته فلا حيوان يتغذى على نباتات نجده يفترس حيوان أخر وأن قام بذلك فلابد من وجود خلل جينى به، كما أن الحيوانات أكلى اللحوم إذا ما هاجمت حيوان أخر ولم تلتهمه فلابد من وجود خلل جينيا أيضا بها، وهذا ما يحدث الآن من تفشى هذا الخلل الجينى بين فئات من المجتمع.
فما يحدث من تحرش بالنساء يجد له المسئولين مبررات عديدة أهمها أن ملابس النساء مستفزة حتى وأن كان المتحرش بها منقبة، وقضايا الفساد والرشوة والاختلاس مبررها أن "المال السايب يعلم السرقة" وغيرها من المبررات المستمرة لأى ظاهرة خطيرة تحتاج إلى وقفة حقيقية، فما هو المبرر إذن لخطف الأطفال وبيع أعضائهم، أم انه من الطبيعى أن تتحول كافة ظواهر المجتمع الخبيثة إلى عادات، وأن حدث هذا للأسف لن تجد صحافتنا ما تفرده عناوين رئيسية حيث أصبح الخلل والجريمة سمة المجتمع.



برضو احب انوه ان الموضوع ده كان احد ابناء موقع اليوم السابع حتى تم نبذه ومسحه

09‏/10‏/2009

المقص المصرى يتفوق على الصينى



نشرت صحيفة التليجراف البريطانية خبر منذ فترة عن إجراء جراحة نادرة لصينى لاستخراج مقص من المرئ، حيث تمت الجراحة دون بنج كامل خوفا من أن يسترخى جسده فيكمل المقص رحلته إلى مناطق أكثر عمقا فتصبح عملية نزعه صعبة وخطيرة، خبر عادى جداااااااااااااا يقرأه المواطن المصرى فيضحك بشدة حتى يجد الصدمة فيجهش بالبكاء عندما يعلم أن بطل هذه الواقعة ويدعى لين كونج ابتلع المقص عقب إطلاق احد أصدقائه نكته فانفجر فى الضحك أثناء تنظيف أسنانه بحد المقص.


وهذه النقلة فى الأحاسيس لدى القارئ المصرى غير مسئولة بالمرة وذات عواقب خطيرة على عضلات وجهه التى لن تحتمل الانبساط الشديد ثم التقلص بقسوة فى أقل من لحظة مثلها مثل تعريض شئ لدرجة حرارة عالية تصل إلى حد الغليان ثم نقله إلى أقصى درجات الحرارة انخفاضا تصل إلى ما تحت الصفر فغالبا إما يتحطم هذا الشئ أو ينفجر أو يتلاشى تماما، ومعناه أن تتلاشى التعبيرات عن وجهه ليصبح جامدا خالى من التعبير وهنا قد يحتاج إلى عمليات تجميل وشد لعضلات وجلد الوجه أن كانت النتيجة الترهل الشديد أو قد يحتاج تمديد العضلات أن كانت النتيجة التيبس فى العضلات.

وصدمة المصرى بالتأكيد سيكون سببها علمه أن لين كونج ابتلع المقص ولم ينساه الدكتور عقب إجراء جراحه له، وهو الأمر الغير مقبول بالمرة حيث يملك المواطن المصرى القدرة على ابتلاع مطواة سن غزال وإرجاعها مرة أخرى "شغل حواة"، بينما سجل ما ينساه الدكتور المصرى أيضا فى جسد المرضى عقب العمليات الجراحية ارقام قياسية خاصة وأن عملية استرجاعها مرة أخرى تكون أكثر صعوبة وأكثر خطورة على حياة المريض فضلا عن فترات النزاع الطويلة التى يقضيها المريض لإثبات نسيان الدكتور شئ بداخله مما تجعل خروج هذه الأشياء شبه انتحار أو مغامرة، وهو ما لم يترك له الدكاترة فى الصين فرصه خوفا من وصول المقص إلى أماكن أكثر عمقا.


ولعل تبريرات الدكاترة المصريين حول ترك الأشياء المنسية بانها سوف يأتى يوم وتخرج بمفردها وبمحض إرادتها ترجع إلى إدراكهم حقيقة أن الجهاز الهضمى المصرى قادر على تقبل أى شئ مهما كان حجمه ونوعه وبالتالى فأن عملية خروجه مع فضلات الجسم ليست مستحيلة وهى ليست إلا ساعات ويلفظ المريض هذا الشئ بأى صورة ولو حصل لا قدر الله أن تأخرت هذه العملية فتكفى ملعقتين زيت خروع لتسهيل وتلين عمليه خروجه.

وأوضحت الصحيفة أيضا أن لين كونج كان ينظف أسنانه بالمقص عندما أطلق صديقه دعابة أضحكته بشده، مما يرفع حالة الخطر بين المصريين ولاد النكته والتى يطلقونها فى أى وقت وفى أى مكان لذا يتوجب عليهم توخى الحذر والتعامل بحرص مع النكت واختيار انسب الأوقات وأماكن إطلاقها ولعل هذه الأماكن هى بالقرب من المقابر أو الكنائس أو الجوامع مع التجنب التام لإطلاقها بجانب المستشفيات والوحدات الصحية، حيث أعلن الأطباء عدم مسئوليتهم عن الأشياء التى لم ينسوها هم، مؤكدين أن كل من أدخل شئ عليه إخراجه بنفسه، إلا ذا كان هذا الشئ دخل على سبيل الصدفة عقب عملية جراحية، وهو ما أصبح ضريبة إجراء عملية جراحية فى مصر، حيث أن الضرائب مصلحتك أولا، وهذا الشئ المنسى داخل المرضى ليست إلا هدية من الطبيب عرفانا باختياره لاجراء العملية الجراحية، وحتى لا تتسبب هذه الحوادث الجماعية من نسيان ملاقط وفوط وقطن فى إحراج الطبيب المصرى أمام العالم، قرر الأطباء عدم ترك أشياء داخل جسد المريض المصرى أقل من الممرضة أو جهاز رسم القلب.




ومثل باقى المواضيع التى تم إعدامها لى وكانت قد نشرت على موقع اليوم السابع

11‏/09‏/2009

عفواً.. لقد نفذ رصيدكم



تكثر الأشياء الضرورية المفقودة فى بلدنا لأنك أكيد فى مصر، ولكن ما الأشياء التى بعدم وجودها يشعر المواطن المصرى بغربة داخل الوطن وأن مصر فقدت أعز ما تملك، وبطرح هذا السؤال على نفسى وجدت أنها لا تحصى، فمثلاً لا يمكن تخيل مصر دون أبو الهول جالساً وهذه النظرة المبهمة المتجهمة بادية عليه، كما لا يمكن تخيل مائدة الإفطار صباحاً فى كل بيت مصرى دون أن يتربع طبق الفول على عرشها ليخرج المواطنون بعد تناوله مباشرة لمواجهة شوارعنا التى لا يمكن تخيلها دون هذه الزحمة المسلية.

إلا أننى توقفت فجأة هل يمكن أن يختفى أبو الهول هكذا دون إنذار مسبق، أى أنه شعر فجأة بالحر فقرر ترك شمس الأصيل ليجلس مسترخياً بأحد جزر هاواى ـ بالطبع لا ـ وذلك لأن أصالته جعلته يعاود التفكير فى المواطن المصرى الذى تعلم الصبر والصمت، متمثلاً به كمثل أعلى فى الخضوع والطاعة والجلوس دون حراك حتى وإن تقدم أحدهم لكسر أنفه.

والفول الصديق الوفى للمواطن المصرى والذى سيظل دائماً هو الأول على مائدة طعامه وقريباً سيكون الأوحد هذا إن وجد، كما أن المصريين يدينون له بالولاء ألا يكفى أنه ما أكسب معدتنا بتناوله الحصانة المطلوبة، وكأنه يؤهلنا لمواجهة تلك الأيام الصعبة التى نتناول فيها عشرات السموم بدءاً بالماء وحتى رغيف العيش ولا يمكن التغلب على هذه السموم إلا إذا كانت معدتنا قد تحصنت بجدار فولى.

وأخيراً الزحمة أليس من المضحك أن أتخيل نفسى فى انتظار مواصلة ما وتأتى فى موعدها أو حتى متأخرة ساعة ونصف فقط، لأفقد بهذا الوصول المبكر تلك اللحظات الممتعة فى متابعة المشاجرات ومسابقات الجرى المنهكة للحاق بها، وما يواكبها من مواقف أغلبها ما يكون كوميدياً لحد البكاء.

لذلك رفضت كل هذه الفروض التى من المنطق ألا تفقدها مصرنا العزيزة فهى جزء لا يتجزأ من نسيجنا، وإنما قفز إلى عقلى تلك الأشياء التى من الممكن أن نعيد النظر فى فقدانها، رغم أن الأمل يكاد يكون معدوماً، فكثيراً ما نسمع عن هذا الرجل تعيس الحظ الذى سقطت عليه شرفة الدور العاشر وهو يسير هائماً ويتركه المسئولون يموت فى هدوء دون إزعاج، انطلاقاً من منظومة احترام الحريات والحياة الخاصة التى يتمتع بها مجتمعنا ويحترمها المسئولون بشدة، وهذا الشاب المنحوس الذى خرج على الكورنيش يرسم أحلامه ليجد الأتوبيس النهرى ينحرف عن مساره ليخرج ويصدمه وكأنك تشاهد فيلم الفك المفترس الجزء الثانى الذى يخرج فيه القرش مسافة 100 متر خارج المياه لاختيار ضحيته ويعود بها إلى المياه، وبالطبع لم يتدخل المسئولون أيضاً لأنه حادث عرضى، وغير مألوف أن ينحرف الأتوبيس النهرى وجل من لا ينحرف عن مساره.

لكن الواقع يثبت أن هذا ممكن فى مصر حيث تسقط العمارات وكأنها مبانٍ ورقية ويخرج علينا إعلامنا المبجل، متوشحاً السواد منهمر الدموع ناعياً هؤلاء الشهداء، وعوضاً عن متابعة الجانى ومحاسبة المسئولين بجدية يعطيهم فرصاً للنجومية بظهورهم لتبرير أخطائهم، فالرجل الذى كان يسير وسقطت عليه الشرفة وجب عليه أن يرتدى خوذة الأمان أثناء سيره فى الطرقات العامة وبذلك يكون هو من خالف قوانين الحماية والأمان بعدم ارتدائه إياها والقانون لا يحمى المهملين.

كما أنه لا يمكن تخيل شهر رمضان الكريم دون أن ترتبط به هذه الحملات الإعلامية الموجهة ولا أعلم لماذا، وكأنهم يستغلون كرم هذا الشهر فى محاولة لإقناع الناس بعكس الحقائق ولعل أشهر ما تمتع به إعلامنا العام الماضى، حملتان يحمل كل منهما شعاراً مميزاً الأولى هى حملة "اللى يولع الأسعار ويخرب البيوت هى الفشخرة والمنظرة يا حبوب"..ألا يشعر القائمون على هذه الحملة بالخجل حتى وإن كان ما يحدث خلال شهر رمضان من إسراف، إلا أنه بالتأكيد ليس السبب فى حالة الغلاء وارتفاع الأسعار المبالغ فيه، والذى تعيشه مصر منذ عام تقريباً فالعام كله ليس رمضان.




والحملة الثانية هى حملة "ابنى بيتك يا بن بلدى كلنا نفضل وراك"، تعيد على هذه الحملة قصة الشاب المنحوس ولكنه بالطبع ليس الشاب إياه الذى صدمه الأتوبيس النهرى، فالمنحوسون كثيرون إلا أن هذا الشاب خدمه الحظ وأرسل له الكارت السحرى، حيث إن الحياة لم تعد فى حاجة إلى فانوس سحرى ليخرج من العفريت عقب حكه وإنما عن طريق خدش المنطقة الرمادية وإعطائه مسد كول يتصل هو بك توفيراً عليك.

وبالفعل اتصل العفريت المبجل بالشاب الطموح ليحقق له أحلامه والتى بعد الضريبة وارتفاع الأسعار لم تعد سوى حلم واحد فطالبه الشاب بفيلا كبير وضغط على رقم 1 ظهرت أمامه فى الفضاء فيلا الأحلام، إلا أنه سمع صوت العفريت يقاطع أحلامه، قائلاً ها هى الفيلا والآن عليك إحضار قطعة الأرض التى سنضعها عليها فأخبره الشاب بعدم قدرته على هذا وقبل أن ينهى كلامه سمع الشاب رسالة مسجلة "عفواً لقد نفذ رصيدكم" كما أن الرقم المطلوب خارج نطاق الخدمة إلى الأبد لذا لا تحاول الاتصال به على الإطلاق.

إلى متى سيظل المسئولون خارج نطاق الخدمة؟ إلى متى سيسمع المصريون "عفواً لقد نفذ رصيدكم"؟ متى سنتخيل مصر يتحمل بها المسئولون نتائج إخفاقاتهم؟

وبالطبع إن لم توجد إجابات لهذه الأسئلة يبقى أنت أكيد فى مصر والتى لم تصلها بعد خدماتنا الاتصالية لذا حاول الاتصال فى وقت لاحق.

نٌشر فى رمضان عام 2008 على الموقع الالكترونى لجريدة اليوم السابع لكن الفاتحه على روحه بقى

29‏/08‏/2009

حوار مصرى جدا






السيد فاهم يواسى عوضين: مش المهم انها مستورة وبتنام متعشى.
عوضين بسعادة: تقدر تقول متغدى ومتعشى فى آن واحد.
السيد فاهم:
مش فاهم!!
عوضين:
أصل أنا وأم العيال قررنا وحفاظا على الميزانية العامة دمج وجبتين فى وجبة واحدة يعنى بنمسك العصايا من النص نتغدى ونتعشى الساعة 7 مساءا.
السيد فاهم:
طيب الحمدالله انت هتنهب غيرك بيدمج وجبات 3 ايام مع بعض واقنع عيالة ان الاسبوع 4 ايام بس، وبعدين مش انت بيتقفل عليك باب بليل تبقى الحياة زى الفل.
عوضين: انت بتقول فيها وحياتك الباب بس هو اللى موجود دلوقتى.
السيد فاهم:
مش فاهم!!
عوضين:
أنت متعرفش مش العمارة كلها وقعت والباب بس هو اللى لسة صامد فبنقفله.
السيد فاهم:
بتقفله على ايه؟!!
عوضين:
بقفله على لسانى عشان متكلمش.
السيد فاهم:
يخرب عقلك يا عوضين لسه عارف تنكت.
عوضين:
ديه مش نكت ده الحل اللى اتبعته أنا وأم العيال والعيال مش لاقى حاجة تاكلها كل فى نفسك.
السيد فاهم:
أنت ليه بتقول كدة ما أنت زى الفل اهو.
عوضين:
أنت من ساعتها عمال تقولى عوضين عوضين أنا مبقتش عوضين أنا بقيت عوض.
السيد فاهم:
مش فاهم!!
عوضين:
أنا أصلى دخلت اعمل عملية استئصال زايدة فالدكاترة الله يكرمهم استأصلوا عوض من الاثنين ولما سألتهم قالوا لى الله يعوض عليك، ومن إنهاردة بقى اسمى عوض مش عوضين.

والى السادة المستمعين والمشاهدين والقراء المتابعين لبرنامج حوار مصرى جدا، الحوار ده صناعة مصرية 100% ماركة الله يعوض عليكوا، وأن كنت من هواة التسجيلات فمن المقرر أن يتم بثه مباشرة كل يوم إلى أجل غير مسمى، وسؤال الحلقة إلى متى سيظل السيد فاهم مش فاهم مش سامع مش شايف مش حاسس؟
لإرسال إجابتكم أو أسئلتكم أو تعليقاتكم عنوانا البريدى 7 ص ب ولسه الأمل موجود.


الموضوع ده اتنشر لى على موقع جريدة اليوم السابع من سنة لكن طبعا الله يرحمه زى باقى اخواته

03‏/08‏/2009

رجال بلا رؤوس... مذكرات فتاة فى الأتوبيس

إن كنت من هواة الرسم أو كتابة القصة القصيرة، ويشغلك باستمرار كيفية تحويل أداتك الفنية لرسم واقع المجتمع المصرى، فلا عليك سوى أن تدفع يومياً خمسين قرشا أو أكثر بقليل أجرة ركوبك أحد أتوبيسات النقل العام، فركوبها بسهولة ودون معاناة والتمتع بميزة الحصول على مقعد، هو تجربة فريدة لن تتكرر كل يوم، وتسجيلها فى دفتر يومياتك هو إضافة بالتأكيد، وبمتابعتك بدقة لكل ما يدور حولك، ستجد أن هذا الأتوبيس هو كيان منفصل يحكمه قيادة السائق ومدى قدرته على تفادى تلك المطبات التى تتمتع بها شوارعنا الكريمة، بالإضافة إلى مهاراته فى تخطى إشارات المرور قبل أن تغلق عليه حتى لا يضيف دقائق عذاب أخرى على حياة المكدسين داخل تلك العلبة الصفيح، عفواً أقصد الأتوبيس.

كل سلوك تراه يحدث أمامك، يعكس واقع مجتمع تغير بشكل جذرى خلال الآونة الأخيرة، ولأننى من سكان أحد الأقاليم التى لا تتمتع بارتفاع الكثافة السكانية فيها، وجئت مؤخراً للعمل فى القاهرة والسكن فيها، كانت تلك المشاهد الحياتية داخل الأتوبيسات بمثابة صدمة كشفت لى حقيقة ما نردده كالببغاء دون فهم، عن أننا شعب المروءة والأخلاق والرجولة والجدعنة، وكان هذا هو أول سؤال أطرحه ـ أنا الوافدة الجديدة التى صدمتها أضواء المدينة ولم تبهرها ـ "هى فين الجنتلة اللى بيقولوا عليها؟".

تكونت لدىَّ هذه الصورة التى عكستها لنا السينما حول سلوك الشاب أو الرجل المصرى عامة، وما يتمتع به من رجولة وبلغتنا الدارجة "الجنتلة"، حيث نراه دائماً يتخلى عن مقعده لتلك الفتاة الجميلة، وأحيانا قليلة، إلا أنها موجودة، لفتاة أخرى أقل جمالاً وجاذبية كما يحكم هو عليها، بل إنه يقفز مسرعاً ليجلس العجوز والمرأة الحامل، وقد يحمل عنها أولادها، وعادة ما تكون نتيجة هذه الشهامة هو ضرورة خلعه القميص نتيجة لما فعله هذا الطفل به إثر تناوله آخر وجباته، كما أنه قد يتعرض أحياناً للسرقة نتيجة انخراطه فى الزحمة أثناء مساعدته موظفة مسرعة، يعوقها ما تحمله من حقائب عن النزول من الأتوبيس، وغيرها وغيرها من المواقف التى كانت موجودة، ولم يعد يشهدها المجتمع المصرى الآن.

فى بادئ الأمر اعتقدت أن ما أراه من امتناع بعض الرجال عن النهوض حتى تجلس السيدات، ليس إلا ظاهرة سلبية غريبة عن مجتمعنا وعن رجالنا أولاد البلد أصحاب "الدم الحامى"، إلا أن ما توصلت إليه بعد تجربتى الشخصية، أكد لى أنها حقيقة مرعبة وغير مبشرة بمستقبل شبابنا ورجالنا فى مجتمع تبدلت مفاهيمه حتى فقدت أكثر موروثاتنا متانتها، والحقيقة أننى التمست العذر لبعض الرجال فى عدم قيامهم من مقاعدهم فى الأتوبيس للسيدات، لأنهم عادة ما يرددون بأصوات عالية رنانة "انتوا مش طلبتوا المساواة، اتحملوا بقى"، إلا أننى أوجه لهم سؤالاً: هل التصرف برجولة وشهامة أصبح رفاهية لا ضرورة لها تحت شعار المساواة؟

فى خطوة جريئة قررت محاكاة هذه المشاهد السينمائية، لأحكم بنفسى على هذا السلوك الذى يثير جنونى وتخليت عن مقعدى لامرأة كانت تقف بجوارى، وحقيقة تعجبت من ردة فعل الركاب، حيث سارع كل الرجال الجالسين بترك مقاعدهم لى، وما إن مرت لحظات حتى جلست كل النساء اللاتى كن واقفات، وتبادل الجميع نظرات التعجب وكلمات الشكر والتأكيد على أن المجتمع المصرى مازال بخير، وتباهى الرجال بما فعلوه، وبدأت الرؤوس تتحرك يميناً ويساراً، تعبيراً عن أن ما حدث هو المألوف والمعتاد حدوثه كل يوم، ذكرنى هذا المشهد بالأطفال الذين ما أن تمدح سلوكاً لهم حتى يحمروا خجلاً وينظروا للأرض فى إشارة إلى التواضع، والتأكيد على أن هذا من شيمهم وسلوكهم اليومى، ولكن هذه الحادثة كما أطلق عليها لم تتم إلا بمبادرة منى، فالأولى بى أن أحمر أنا خجلاً وأعطى هذه الإيماءات الشاكرة.

الجنون هو أن تقوم بنفس الفعل الذى تقوم به كل يوم، وتتوقع نتيجة أخرى لذلك قررت أن أكون أكثر الناس تعقلاً وتكراراً ما فعلته اليوم السابق، انتظاراً لنفس النتيجة وللوهلة الأولى تركت مقعدى لامرأة مسنة وأنا مبتسمة لا أعلم السبب، وكأننى أخبر نفسى بهدوء أننى سأحصل على مقعد آخر حالاً وبجوار الشباك، إلا أن ما حدث لم يكن مبشراً، فقررت أن أكون مجنونة وأكرر ما قمت به فى انتظار نتيجة أخرى، وفى أحد المرات ما أن تركت مقعدى، حتى قفز رجل ليجلس عليه عنوة حتى قبل أن أتحرك وعندما أخبرته بنيتى التخلى عنه لهذه المرأة صاح فىَّ "ولماذا لا تتركينه لى رغم أننى ركبت قبلها أم لأنها امرأة"، فأخبرته أننى أريد الجلوس على مقعدى لأنه لا تزال هناك 4 محطات حتى أصل لوجهتى، فنظر لى شزراً وقال لى "إنتى عبيطة"، وخلال هذه المحادثة لم يحاول أحد التدخل أو حث الرجل على تعديل سلوكه والتصرف كرجل كما يجب أن يكون، وهنا كبتُّ رغبتى الشديدة فى تحطيم رأس هذا الرجل فى أحد نوافذ الأتوبيس، لأنى أشفقت على زجاج النافذة، كما أدركت أنه إذا أقدمت على هذه المبادرة سوف تصبح جميع الأتوبيسات بلا نوافذ، كما سيكون معظم رجال مصر بلا رؤوس.



اول اعمالى والتى تم نشرها على موقع جريدة اليوم السابع ولكن قد يتعذر العثور عليها على الموقع حاليا

29‏/07‏/2009

حريتى




عندما يصل الإنسان إلى نقطة لا يجب بعدها سوى أن يقول لا ولكنه لا يستطيع لوقوعه تحت ضغوط عديدة تشل حركته فأنه يطلق لخياله العنان هربا من الواقع متخيلاً حياة أسهل خالية من العقبات، أو متخيلاً إنسان أفضل قادر على التعبير عن رأيه بحرية موضحا رفضه لأى شئ حوله يعكر صفو حياته حتى وأن كان هذا الشئ المرفوض يعد من الثوابت التى يعتقد البعض أن رفضها جريمة لا تغتفر... إلا أن الإنسان يعود إلى الواقع ليرى انه لا جدوى للأحلام دون تنفيذها فيعود للأحلام مرة أخرى وهكذا تستمر حلقة الهروب التى لا مفر منها...

ترى متى يتحرك الإنسان لتغيير قدره..؟ وأن كان التعبير عن الرأى بحرية أصبح جريمة لا تغتفر فيا ليت الجميع مجرمون فالصراحة تجعل من الحياة المكان الأفضل للإنسان وليست أحلام اليقظة التى أصبح الجميع الآن يحيا بها وللأسف لا يتلاقى الناس بعضهم ببعض فيها لأن لكل إنسان حلمه الخاص وبالتالى الحياة داخله تكون خاصة فيفقد الناس لغة الحوار الحقيقية، كما أن التعبير عن الرأى بحرية ليس معناه اللجوء إلى العنف أو إسكات الآراء المختلفة فالآراء تختلف إما بالتأييد أو بالمعارضة وهى بذلك لا تتنازع ليحل أى منهما محل الأخر كما يظن البعض فيحاربوها وكأنها خطر يهدد ثبات أرائهم ، فالتعبير بحرية وأمان هو تعبير عن إنسانية الإنسان.

ك. ك

29-7-2009