02‏/03‏/2012

رجل أعمي لرقصة حياتي

في أغلب الرقصات الكلاسيكية واللاتينية نري حركات المرأة أكثر رشاقة وجاذبية عن الرجل.. ويلفت نظرنا كيف تؤدي مثل هذه الحركات الصعبة الخلابة.. ولكن ما لا نعرفه هو أن الرجل هو من يقود الرقصة.. ولولا احترافيته ما كانت لتظهر حركات المرأة بهذه الحيوية.. وكثيراً ما تفشل امرأة موهوبة في تأدية رقصة ناجحة جذابة لعدم مهارة شريكها.. وأيضاً قد تكون حركات راقصة غير متقنة إلا أن مهارة شريكها تستطيع أن تضع حركاتها السيئة علي الخط السليم..


ويهتم الراقصون الرجال بالتدريب المستمر لإنجاح رقصاتهم.. وبالرغم من أن النجاح مشترك بينه وبين شريكته في الرقصة.. إلا أن الأغلبية يتذكرون فقط الراقصة المبهرة التي تتمايل كالفراشة المتألقة في ثوب خلاب.. وقليلون فقط هم من يعرفون حقيقة أن الراقص الجيد هو من يقود الرقصة للنجاح.. ولكن هذا لا يمنعه من شحذ مهاراته وإتقان حركاته..

كما أن الراقصين في مثل هذه الرقصات الصعبة يتواصلون بالعيون.. فقد يخطئ أي منهما في أداء حركة ما.. لكنهم يتابعون ولا يضطرون للتوقف.. حيث يفهم كل منهما الآخر بنظرة أو إيماءة أو حتى ابتسامة.. فهي لغة مشتركة لا يفهمها سواهم.. ولا يستطيع أي من المشاهدين أن يعرف أن الراقصان علي المسرح في حالة نقاش حاد حول تصحيح الخطوة الخطأ.. وكثيراً ما لا يري هؤلاء أخطاء الراقصين حيث يتداركوها دون أن يشعر أحد بوقوعها..

وفي الفيلم الرائع عطر امرأة للنجم العالمي آل باتشينو.."Scent Of Women" يقوم فيه بدور رجل أعمي لكن هذا لم يمنعه من قيادة رقصة"تانجو" رائعة.. ورغم انعدام لغة العيون بينه وبين الفتاة التي تشاركه الرقصة.. إلا أن الفتاة وثقت في شريكها الأعمى.... وفي قدرته علي قيادة الرقصة الصعبة أمام جمع من الناس.. وفي ظني هذا ما أنجح الرقصة لأنها لم تفكر للحظة أن تشك به وفي حركاته.. بل في أكثر من مرة فاجئها بأداء حركات غير متوقعة ولولا انسيابها ما كانت نجحت.. فكانت الثقة الحقيقة والانسيابية من جانبها.. مع مهارته واستحقاقه لهذه الثقة بل ومفاجئتها وسعادته كلما سمعها تضحك من دهشتها _حيث أن المرأة عامة تعشق المفاجآت خاصة وأن لم تكن غير متوقعة بتاتاً_ عاملي نجاح الرقصة الشهيرة..

وبالرغم أني عامة في حياتي وآرائي متحيزة بشكل مستفز للمرأة.. إلا أني أجد أن رقصة "الحياة" التي يتقاسمها رجل وامرأة يتجلي دور المرأة بشدة ويظهر ما تقوم به ساطعاً للعيان وملفتاً.. بالإضافة إلي أن معظم الأعباء تُلقي علي كاهلها.. فهي كيان مستقل قبل أن تكون حبيبة وزوجة وأم.. فهي ترعي أحلامها وأحلام زوجها وفيما بعد أحلام أولادها.. لكن في ظني أن أحياناً كثيرة لولا مهارة شريكها في الحياة ما كانت لتظهر لامعة هكذا.. ب أعمي إلا أنه قادر علي أن يجعل حياتهما علي الدرب الصحيح.. وأنه كان الرجل الأجدر بهذه الثقة التي جعلتها تسير معه ممسكة بيده ولا تنظر للطريق لأنها تثق فيه وفي طريقهما سوياً..

يقول المثل الشعبي "وراء كل رجل عظيم امرأة".. ولكني أقول "وراء كل رقصة تانجو ناجحة راقص محترف حتى ولو كان أعمي وراقصة رشيقة تثق فيه"..


أجمل مشهد في الفيلم الرائع عطر امرأة "Scent Of Women"


ك. ك

2 – 3 – 2012

هناك تعليقان (2):

  1. من أجمل اﻷفلام على اﻹطلاق..
    وتسلم ايديكي.. وربنا يفتح لك كل العيون القفلة يا معلمي..
    إمضاء أبوكي الحاد حدازي

    ردحذف
    الردود
    1. هو فعلا فيلم جامد جداااااااااا يا حدازي.. ومشهد الرقصة دي عبقري.. خاصة لما كانت البنوتة بتضحك آل باتشينو كان عارف ازاى يفاجئها عشان تضحك كدة.. واو شعور رااااااائع
      يارب يفتح لكل الناس العيون المغمضة :)

      حذف