22‏/06‏/2011

تخمة عقولهم تنافس تخمة بطونهم




كتبت هذه التدوينة أواخر 2009 ولم أنشرها وقتها، ولا أتذكر الأسباب جيدا، لكنى على ما أظن مما كتبته هو أنه وقتها كانت ظهرت بعض البدع والفتاوي التي تحرم الموسيقي والبحر والسياحة وغيرها، وهو ما أستفزنى لكتابتها، واليوم وبعد عامين تقريبا، وقيام ثورة 25 يناير والحرية التي أفرزت فتاوي أكثر كوميدية من تلك التي أعتبرتها وقتها أسخف ما قد يصل إليه المجتمع المصرى من جهل، لذلك قررت نشر هذه التدوينة، التي تحدثت فيها عن هؤلاء الذين يهتموا بملأ بطونهم علي حساب البسطاء ويبثوا أفكارهم المتخومة تلك في عقولهم فيما تضخ الأموال لجيوبهم॥ فتضخم جيوبهم كما تتضخم بطونهم..




النوم الثقيل أو العميق يشبه كثيرا الطعام الدسم الذى إذا أفرط الإنسان فى تناوله تصاب معدته بالتخمة ويشعر الجسد كافة بالخمول، مما يفقده القدرة على التمتع بالجمال أو إدراك أى من قيم الحياة لما أصاب الجسد من حالة جمود، وذلك لأن النوم إذا كان مثقلا بالتعب فانه لا يترك مساحة للإحساس بالجمال أو التخيل، وذلك لأن ثقل النوم يسقط أولاً على الحواس الخارجية ويجعلها غير قادرة على التواصل أو تجريب الإحساسات الحادة والمتقلبة والتى يشعر بها الإنسان أثناء الأحلام، إلا أنه إذا توقف تأثير النوم على الحواس الخارجية ولم يثقل على الحواس الداخلية فأنه يترك مساحة أوسع للتخيل والتجول فى عالم الأحلام بحرية.....

هكذا هى الحياة كافة إذا أفرط الإنسان فى شئ فقد معانى وقيمة باقى الأشياء التى بفقدانها تختفى كل ملامح الجمال فى الحياة، فإذا تشدد الإنسان وتعامل مع بعض المبادئ التى تم تفسيرها بشكل خاطئ أو بمغالاة خسر فى المقابل الكثير فمثلا من يرفضون الفن سواء كان رسم أو نحت أو غيره من الفنون التى تعبر عن الإبداع وما وهبه الله للإنسان من مواهب يفقدون فرصة التمتع بروعة ما يقدمه هؤلاء إلا أنهم لا يدركون ما يفتقدونه...

وهناك من يحاربون بشدة الموسيقى والغناء بحجة أنها رجس من عمل الشيطان، كيف ذلك وهى غذاء النفس فلا متعة اكبر من الاستماع للموسيقى وكثيراً ما قرأنا عن جراحين عالميين لا يستطيعون إجراء جراحاتهم الدقيقة للمرضى فى غرفة العمليات دون الاستماع لموسيقاهم المفضلة، فها هو ينقذ روح من الموت وفى الوقت ذاته يمارس شئ أخر ينظر له هؤلاء وكأنه فسق وفجور..

وغيرها من الهبات التى أعطاها الله للإنسان والتى تثبت قدرته سبحانه فلا يبدع إنسان من ذاته دون أن يهبه الله هذه البذرة الصغيرة التى تحتاج منه أن يرويها وينميها، كما هو الحال مع ما حباه الله للإنسان من طبيعة ليتمتع بها بدءا من شروق الشمس وحتى سكون الليل بقمره إلا أن المتشددين يحرمون ويجرمون حتى فكرة التمتع بهذه المخلوقات التى لم يخلقها الله عبثا فهم يكتفون بالاستفادة منها واستهلاكها دون الوقوف لحظة للنظر إليها والتأمل فيها فلا يجوز الوقوف على شاطئ البحر، أو نزوله إلا بما يسمح به هؤلاء وكأن السيطرة والتحكم وصلت إلى حد وضع شروط يمكن من خلالها ممارسه حق الإنسان الطبيعى فى التمتع طالما لا يؤذى الآخرين ولا يتعدى حريته مخترقا حريات من حوله..

وأن كانت المغالاة والتشدد أصبحا سمة المجتمع حاليا فكيف ننتظر من جسد خامل مثقل بالتخمة والهموم إبداع أو ابتكار فهو غير قادر حتى على التجول فى عالم الأحلام فالحواس الخارجية أرهقها الطعام والداخلية أثقلها النوم، فلا شئ أكثر دسامة من الأفكار البالية والمبادئ التى تم تفصيلها لخدمة أغراض معينة ولا يوجد ما هو أكثر تأثيراً من الإرهاب والعنف لإخضاع الفكر والخيال، فالخوف هو الإداة الوحيدة القادر على قتل الأحلام..

واليوم بعد مرور عدة أشهر علي ثورة 25 يناير.. كيف نري المجتمع.. وكيف نري المستقبل.. خاصة بعد ما تسممت نسبة كبيرة من العقول بفتاوي فاسدة قادرة علي هدم المجتمع بآسره..

ك. ك
3 – 10 – 2009

هناك تعليقان (2):

  1. انتي لية بتحكمي علي المجتمع من مراية مكسورة او مشروخة
    انا راي ان اللي شايف ان الفكر دا يتماشي معاه يتفضل يتبناه واللي مش شايف كدا اعتقد انة من حقة يعيش بالحرية اللي اللي انتي بتقولي عليها بس في اطار حرية الاخرين
    - يعني اللي حرموا الموسيقي دول ناس من رايي فاقدين للشيئ فمش ممكن تاخدي منهم معلومة كاملة مهم قالوا ان الرسول حرم الغاناء مع ان الرسول لم يذكر دا ابدا
    لكن اكيد في حدود للغناة بما يسمح بها الديان مثلا العري اللي بنشوفة في الكليبات دا تسميه اية فن
    والرقص باغراء والحركات المثيرة دا اية فن
    - كمان الموسيقي الصاخبة اللي بنسمعها دلوقتي في كل شارع دا فن ولا كلماتها اللي مش مفهومة اصلا فهل دا فن
    - اما البحر والتمتع بة اعتقد ان دي نعمة كبيرة من عند ربنا لازم نحسها لكن اتفرجي علي اللي بيحصل هناك من مهازل ومهاترات غير عادية بجد الانسان هو اللي بيضيع حلاوة النعمة
    - اما اصحاب العقول التخينة اللي انتي بتقولي عليهم واصاب الفتاوي العجيبة والغريبة دا فكرهم وهما اولي باتباعة لكن غير مفروض علينا بالمرة الا بنص من الكتاب او السنة ولازم الكل يعرف كدا كويس

    ردحذف
  2. بالظبط يا لودى.. ان لازم يكون فى مرجعية صح.. يعنى اللى بيتكلموا ويلفقوا فتاوى غريبة للاسلام هو بعيد كل البعد عنها.. وبيتأثر بيها شريحة كبيرة لأنهم مش عارفين كويس.. بتبقى كارثة.. وانا ضد العرى والكليبات الجديدة والاغانى المبتذلة.. لكن اسمع كدة موسيقى يانى.. او اى مقطوعات.. صدقنى ممكن تبكى من تأثرك بروعتها.. دى موهبة ونعمة الله اعطاها للبشر ولو كانت حرام مكنش زرعها فينا..
    وانا لا اقصد اهانة حد.. لكن اللى بيحاولوا يملوا دماغ الناس بكلام غلط.. هو بالظبط زى اللى بيملوا بطونهم لحد التخمة

    ردحذف