12‏/02‏/2012

الأقباط بين اللاقانون.. وبرلمان المسخ


لا أعرف كيف أتمالك أعصابي الآن وأنا أكتب هذه التدوينة.. منذ الأمس وأنا أنتظر جلسة مجلس الشعب اليوم 12 فبراير لما أكده عدد من نواب مجلس الشعب من تقديم استجوابات لوزير الداخلية بخصوص "جريمة تهجير 8 أسر قبطية علي خلفية أحداث فتنة طائفية بمنطقة العامرية بالإسكندرية وذلك من خلال جلسه عرفية ترأسها شيخ سلفي بموافقة الحكومة"، وتضامن حوالي 22 عضواً علي حد زعمهم مع الاستجواب، بينما فوجئت بأن البرلمان تجاهل هذه الطلبات لعدم أهميتها.

وفي عجالة الفتنة هذه المرة كانت لوقوع فتاة مسلمة في حب شاب قبطي وأقاموا علاقة سوياً، ثم قام الشاب بعرض صور تجمعهما سوياً، وبعيداً عن كون هذه القصة حقيقية أم لا، وكونها تليق من البداية أم لا، وكونها قصة حب خان فيها أحد الأطراف ثقة الطرف الآخر، ما ذنب أهله وعدد من الأسر المسيحية التي تضامنت معهم ودافعت عنهم عندما حاول أهل الفتاة المسلمة قتلهم، وذلك بعد حرق عدد من المحال والمنازل المملوكة للمسيحيين في المنطقة.

تقع الفتاة القبطية في حب شاب مسلم تشتعل الاشتباكات ولا يسقط قتلى سوي من الأقباط وتُحرق المنازل والمحلات المملوكة لهم، وفي سيناريو مختلف يحمل ادوار بطولة أخري حيث تقع الفتاة المسلمة في حب شاب مسيحي ولكن سيناريو الخراب ذاته هو الذي يُطبق حيث يُقتل الأقباط وتُحرق منازلهم ومحلاتهم، وأخيراً تهجيرهم قسراً في جلسات عرفية علي مرأى ومسمع الدولة والقانون، ليبقي الأقباط دائماً هم الحيطة المائلة بمعني "موت وخراب ديار".

يصفني البعض بالتعصب لكوني قبطية، وأني أكتب كثيراً متأثرة بنزعتي الطائفية، ولكن ألا يشعر أي عاقل بأن ما يحدث هو جريمة بشعة متكررة، هل تستطيع أي قوة كانت من تهجير أسرة مسلمة أرتكب أحد أفرادها جريمة ما أي أن كانت، الإجابة بالطبع معروفة، ولكن ماذا عن تهجير 8 أسر أقام أحد أفرادها علاقة غير مشروعة مع فتاة مسلمة، لم يكن كافياً تهجير أسرته رغم عدم قانونيتها وكونها لا تقل بشاعة، ولكن بمنطق أن السيئة تعم فهي تعم علي أسرته فقط، ولكن اليوم نري أن السيئة تعم علي كل أبناء ملته، وكما رأينا اليوم تهجير 8 أسر، غداً نري تهجير شوارع بأكلمها ثم مناطق ثم قري، وكل هذا بمنطق الجلسات العرفية.

قبل الثورة رأينا نماذج لتهجير أو هروب أسرة الطرف القبطي المتورط في مثل هذه الأحداث وتخرج المبررات بأن نظام مبارك هو السبب لأنه يريد إشعال الفتنة، ولكن اليوم وبعد الثورة نري تهجير 8 أسر قبطية بأكملها ومجلس شعبنا الموقر برئاسة محمد سعد الكتاتني يتجاهل الواقعة ويرفض الاستجوابات بخصوصها بعلة أنها ليست من أولويات الترتيب ولا تهم المصلحة العامة أو النظر فيها بعجلة.

هل هذا هو حكم مجلسنا ذو الأغلبية الإسلامية التي تطالب أن تُحكم مصر بالشريعة الإسلامية التي توفر العدالة والمساواة، هل هذه هي العدالة من وجه نظرهم، هل هذا ما ترضاه ضمائرهم، وبالنسبة للمعارضة هل هذه هي الحريات وحقوق الإنسان التي تدافعون عنها، لم نري أي عضو معارضة أو من يقولون عن أنفسهم ليبراليون قد رفض وندد وشجب ما يحدث، ولكن هذا لا يمنع أن نسمع منهم عندما يتجلون أمام عدسات الكاميرات يرددون "نريد دولة قانون"، هل هذا هو القانون يا سادة، فأنهم يلكون عبارات مثل "حقوق الإنسان" كالعلكة لتظر صورهم وهم يصيحون منادين بها مبهرة للعالم.

وهكذا أستطيع أن أتخيل أي مستقبل ينتظر الأقباط في مصر، فالمواطن القبطي لا قانون يحميه لأن الحكم بالعرف مازال قائماً حتي بعد مصر الثورة، وأغلبية ينظرون إليه ولحقوقه بنصف عين أن لم تكن مغمضة تماماً لأنه ليس مواطن كامل من وجه نظرهم، ولا كنيسة تدافع عن حقه بجرأة رغم رفضي تدخلها في السياسة ولكن حتى عندما تتدخل تصدمنا بتصريحاتها الركيكة الضعيفة المخزية التي تؤدي لضياع حقوق الأقباط أكثر، ولا نواب معارضة يهتمون بالتعبير عنه لأنهم مشغلون بالمعارك علي فتح الميكروفون وغلقه في جلسات البرلمان.

تمخضت ثورة، ونزف وطن، ليلد لنا "مسخ" مشوه يُدعي برلمان "مصر الثورة"، لا يتميز فيه عضو عن أخر سوي بعلو الصوت ورغبته في الظهور والشو الإعلامي، ليصبح القبطي مواطن يعيش الآن في وطن تحت ظل حكم "مجلس المسخ"، بينما يرفع شعار "لنا الله".

ك. ك

12 – 2 - 2012

هناك 4 تعليقات:

  1. طالما القانون لا يطبق على الجميع بنفس الكيفية بغض النظر عن اية ملابسات
    يبقى مفيش فايدة و لسة بدري قوي قوي على مصر اللي احنا بنحلم بيها
    تحياتي

    ردحذف
    الردود

    1. معاكي حق يا كارووو - أو بالأصح سوكا ;-) -
      انتي حاطة صورة كفاية .. نحن في زمن المسخ

      حذف
  2. فعلا يا احمد لسه بدري جداااااااااا علي مصر عشان تبقي بلد ينفع بني آدمين يعيشوا فيها

    ردحذف
  3. الصورة دي يا حجازي بكرة هتبقي واقع وهنعيشه كلنا بكل أسف

    ردحذف