19‏/08‏/2011

امتي هتنضف مزابل الصحافة المصرية..!!


وهكذا عدت والثورة لم يمر عليها سوي شهر واحداً إلي الشارع عاطلاً مفلساً ولكن بأمل جديد.. أن الأمور لن تلبث طويلاً حتي تعود إلي الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن تكون عليه..!

ولم لا..؟ وأنا من جيل الثورة.. هؤلاء الكتاب الكبار تعفنوا تماماً.. وتورطوا في النظام الملكي حتي أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من النظام..

الصحفي الكبير الذي كان كل مجده أنه يرافق جلالة الملك في رحلاته للخارج.. والذي تلوك الالسنة سيرته علي أنه كان يوماً ما عشيقاً لجلالة الملكة الأم..!..

والصحفي الكبير الآخر الذي كان يجلس علي مائدة الملك ليضحكه حتي يستلقي الملك علي قفاه.. والصحفي الكبير الثالث الذي أراد الملك أن يمزح معه فدفعه إلي حوض السباحة وهو في كامل ملابسه.. ثم خرج من حمام السباحة يشكر جلالة الملك..!.. علي هذه اللفتة الكريمة التي خص بها صاحبة الجلالة الصحافة دون سواها من الهيئات..

هؤلاء السادة أصبحوا جميعاً بهوات وباشوات.. بعضهم يحمل نيشان محمد علي..!.. لابد أن الثورة ستنحيهم عن الطريق لُتفسح لجيل العبد لله طريقه في الصحافة..

والأقلام التي سبحت في بحر النفاق لجلالة الهلفوت الذي يتربع علي العرش لابد ستتواري الآن خزياً عن أعين الشعب..

ولكن.. ما أغرب الحياة.. نفس الأقلام هبت تقاتل من مواقع الثورة وكأنها هي التي صنعت كل شئ.. وراحت هذه الأقلام تكتب بشراهة عن مجون الملك وجنون الملك.. والملك علي الشاطئ الاخر من البحر الأبيض المتوسط..

أخيراً.. تأكد أصحاب هذه الأقلام أن كل شئ قد انتهي بالفعل.. فتحولوا إلي دود يأكلون من الجثة التي تحولت إلي جيفة.. وطاف بنفسي المذعورة خاطر كئيب.. وهو أن كل شئ سيبقي في غابة الصحافة علي ما هو عليه.. الوحوش في الصدارة.. والموهوبون يتخبطون في الظلام..

هذه التدوينة هي مقطع من كتاب الراحل العبقري الفذ الصحفي محمود السعدني "الولد الشقي".. والتي مهما حاولت أن أصف ما حدث ويحدث في الإعلام عامة والصحافة خاصة بعد ثورة 25 يناير.. لن أستطيع أن أكتب أروع وأفضل مما كتبه السعدني واصفاً الصحافة عقب ثورة 23 يوليو 1952..

قد نستطيع إستبدال عدة مصطلحات أو كلمات فتتناسب تماماً مع ما يحدث الآن.. ولا أعرف هل ما يحدث الآن هو تكرار للسيناريو ذاته الذي أدي لإنهيار القيم الصحفية وإعتلاء المزيفون عرش الصحافة حتي يومنا هذا.. هل لا تعرف مصر التجديد في ردود أفعالها تجاة الأحداث المتعاقبة ولا يمكن أن تقوم ببث مباشر للتغير.. وإنما تعتمد علي الشرائط المسجلة في ذاكرة وأرشيف البلد..

"لقد خرجت من تجربتي الأولي في الصحافة بحسرة.. وفقدت تلك الصورة الزاهية الألوان عن صاحبة الجلالة وبلاطها.. وأدركت أن البلاط هو الواجهة.. ولكن في القفا بدرونات ومزابل ومطابخ ذات رائحة عبقة"..

محمود السعدني

ك. ك

19 – 8 - 2011

هناك 6 تعليقات:

  1. رائعة ..... اعتقد ان نظافة الصحافة تتم من خلال الضغط من داخل المؤسسات ومن خارجها .... ما يميز ثورة 25يناير ربما الثورة الالكترونية التي تمكنا من النفاذ للارشيف الصحفي للمنافقين وفضحهم كما ان كفاءة الجيل التي تتنتمي اليه وقدرته على الابداع تؤكد ان الوسط لن يسقط فى الوحل عبر تطهيره ولكنه سيرتقي بدوره الرقابي للنظام وليس التابع والعميل له .... لك التحية مرة اخري

    ردحذف
  2. استاذ صقر.. التحية لحضرتك لأنك شرفت المدونة بزيارتك ليها.. واتمني تبقي زائر دائم..
    وصدقني النظافة اللى بتتم من داخل المؤسسات الصحفية لا يدفع ثمنها سوي اللى بيحاولوا وبيسعوا للنظافة دى.. والعبدلله كانت أحد ضحايا عمليات كنس الصحفيين المطالبين بتطهير الصحافة وتقدر تقرا تدوينة "إستمرار نزيف جرائم المعلم باشا في حق العاملين في الشروق اون لاين" على المدونة عندى.. بس اهو الواحد عنده أمل يمكن تبقي في حاجة أحسن

    ردحذف
  3. جميل جدا واعتقد ان فيه حاجات كتير فى مصر هاتنضف بعد الثورة مش الصحافة بس

    ردحذف
  4. اتمني فعلا يا استاذ ناصر انها تنضف هى ومؤسسات كتير.. وان الوقت ميسرقناش وننشغل بحاجات تانية ونسيب مؤسسة ضخمة ومهمة زى المؤسسة الإعلامية ككل فاسدة لأن الإعلام هو اللى بيوجه الرأي العام وبيحرك الأمور كلها..
    شكرا علي زيارتك للمدونة

    ردحذف
  5. الصحافة تعبير عن الراي ولكل شخص راية اللي هيتمسك بية ومش هيغيرة وطلاما في الراي الفاسد الموجود وفي المنافق القوي مش ممكن تتغير الصحافة او غيرها بسهولة من غير ميكون هناك في فئة تدفع الثمن
    صدمت جدا لما دخلت مجال الصحافة ومش هقدر اقول اكتير من كدا

    ردحذف
  6. كلنا أتصدمنا يا لودي.. بس اللى يخوف ان في ناس اتصدمت من 50 سنة لكن الحال اتعدل إلى حد ما ... لكن حاليا الوضع غير مبشر.. ومش باين انها ممكن تتعدل

    ردحذف